الانــــســـــــــــــــان ....والـــعـــــــــــــــفــة ...
د. فتحي مرعي
قديما قيل ليس من العفة ألا تجد ولأفسر هذا المثل أقول إنه
لو أن لصا ذهب يسرق شقة من الشقق فلم يجد شيئا يسرقه
أو أن أصحاب الشقة كانوا موجودين ويقظين فلم يستطع
دخولها.. فعاد اللص أدراجه.. فهو ليس عفيفا.. لأن عدم
إتمام السرقة لم يكن بسبب كونه عفيفا, وإنما لسبب خارج
عن إرادته.
فالعفة هي الإمتناع عن الشر أو عدم الإقدام عليه بدافع
من الطبيعة
السوية للإنسان.. والخوف من الله.. والضمير الحي.
الإنسان العفيف يعف عن الصغائر ولاينظر إلي مافي يد غيره
أو ما في حوزته.. ولايرتضي لنفسه أن يرتكب إثما أو جرما
ليحصل علي شيء ليس له بحق..
الانسان العــفيف يعف عن المحرمات جملة, ويأبي أن
يدنس نفسه أو شرفه أو استقامته ليرضي نزوة عابرة.
والإنسان العفيف إذا إئتمن علي سر لم يذعه أو ينشره..
وإذا
إئتمن علي مال أداه لمن إئتمنه عليه كاملا غير منقوص وبلا
تسويف أو مماطلة عملا بقول الله تبارك وتعالي فليؤد الذي
إئتمن أمانته وليتق الله ربه( البقرة283).
الإنسان العفيف قنوع... عزيز النفس... لايطأطيء رأسه
ليحصل علي منفعة.. بل يحتفظ بكبريائه حتي وهو في أمس
الحاجة.. عملا بتوجيه رسولنا عليه الصلاة والسلام
أن نطلب الشيئ بعزة النفس ...وعند الله
قضاءها ..
والإنسان العفيف لايتذلل لأحد ولايريق ماء وجهه في سبيل
جلب مصلحة وإذا استعنت فاستعن بالله وإذا سألت فإسأل الله
( من حديث رسول الله صلوات الله عليه وسلامه).
والإنسان العفيف إن كان فقيرا حسبه الناس غنيا لأنه
لايلاحق الناس بالسؤال يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف
تعرفهم بسيماهم لايسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير
فإن الله به عليم.الذين ينفقون أموالهم سراوعلانية لهم
أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون( البقرة
273 ـ274) وركزوا علي عبارة سرا وعلانية فالإنسان
العفيف يأبي أن يأخذ صدقة إن كانت علانية فمع هؤلاء
ينبغي أن يتوخي الانسان الحرص حتي لايجرح مشاعرهم,
وفي الآية الكريمة إشارة إلي ذلك, وفي نفس السورة إشارة
أخري إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها
الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما
تعملون خبير( البقرة271) أرأيتم أن إخفاء الصدقات أو
المساعدات أفضل؟
والله يعلمنا وإتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم البقرة282 يعلمنا
الله ألا نؤذي مشاعر من نمد إليهم يد المساعدة بأي شكل
من الاشكال مثل المن عليهم أو معايرتهم في موقف معين,
فمثل ذلك
يبطل ثواب المنفق الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم
لايتبعون ما أنفقوا منا ولا أذي لهم أجرهم عندربهم ولا خوف
عليهم ولاهم يحزنون. قول معروف ومغفرة خير من صدقة
يتبعها أذي والله غني حليم.. يا أيها الذين أمنوا لاتبطلوا
صدقاتكم
بالمن والأذي البقرة262 ـ